الأربعاء، 15 مايو 2013

الدولة الفاطمية

الفاطميون سلالة شيعية، تنتسب للفرقة الإسماعيلية من الشيعة، حكمت تونس، ومصر، والشام وعلى فترات في ليبيا والجزائر، والمغرب وأجزاء محدوده من غرب الجزيرة العربية وصقلية وكان لها نفوذ قوي في شمال السودان عبر إمارة الكنوز، بين عامي 909 و1171م. كان الحسين بن رستم بن حوشب من دعاة القرامطة في اليمن ومعه صاحبه أبو عبد الله الشيعي الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا، وكان له علم ودهاء ومكر. وأخبره ابن حوشب أن أرض كتامة في المغرب قد حرثها اثنان من أتباعه وقد ماتا الآن وليس لها غيرك. خرح أبو عبيد الله إلى مكة المكرمة واجتمع بالحجاج الذين قدموا من المغرب، فصحبهم إلى أرض كتامة عام 280 هـ، واجتمع عليه البربر هناك حتى عظم أمره. ولما بلغ أمره لإبراهيم الثاني بن أحمد بن الأغلب صاحب دولة الأغالبة، أرسل إلى عامله على مدينة “ميلة” يسأله عن أمره فصغره له وحقّره، فسكت عنه. ثم اشتد خطره فأرسل إليه إبراهيم الثاني الأغلبي ابنه الأحول وهزم أبو عبد الله الشيعي، فركن إلى الهدوء والعمل السري وبنى لنفسه داراً وأتاه البربر. ولما توفي إبراهيم الثاني عام 289 هـ وجاء ابنه عبد الله عام 290 هـ، تولى أمر الأغالبة زيادة الله الثالث وكان منصرفاً إلى اللهو، وهذا ما دعا إلى زيادة قوة أبي عبد الله. وكان زيادة الله قد استدعى الأحول وقتله خوفاً منه. عندها بدأ أبو عبد الله بالدعوة للمهدي وانتشرت فكرة المهدي حتى غدا عدد من وزراء الأغالبة من الشيعة ويرغبون في نجاح أبي عبد الله بدعوته. كان أبو عبد الله الشيعي قبل مجيئه إلى المغرب قد زار السّلميّة مقر الدعوة الإسماعيلية واجتمع هناك إلى الإمام المستور ـ على حد زعمهم ـ وهو المهدي. ومنها انطلق إلى المغرب بعد أن وعده بأن يمهد له الأرض هناك ويهيىء له الأمر بالظهور على الناس. وقد كانت السّلميّة، وهي إلى الشمال من مدينة حمص في بلاد الشام مقراً للدعوة الإسماعيلية. وكان هناك أيضاً عائلة ميمون القداح وهو رأس الدعوة الإسماعيلية. وقد انتشر أولاده في أصقاع الأرض يدعون بهذه الدعوة، بعد أن توفي أغلبهم وبقي منهم رجل يسمى الحسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القداحي. وكان يدّعي أنه الوصي وصاحب الأمر، والدعاة باليمن والمغرب يكاتبونه ويراسلونه. واتفق أنه جرى بحضرته حديث النساء بسليمة، فوصفوا له امرأة رجل يهودي حداد مات عنها زوجها وهي في غاية الحسن فتزوجها ولها ولد من الحداد، فرباه وأحسن موقعه منه وأوّبه، فصارت له نفس عظيمة وهمة كبيرة. وهناك من يقول إن الإمام الذي كان بالسلميّة وهو الحسين مات ولم يكن له ولد فعهد إلى هذا الغلام ابن الحداد اليهودي وهو «عبيد الله» المهدي فأطلعه على أسرار الدعوة من قول وفعل وأين الدعاة وأعطاه الأموال والعلامات وتقدم إلى أصحابه بطاعته وخدمته وأنه الإمام الوصي وزوجة إبنة عمه أبي الشلفلغ، وقد جعل لنفسه نسباً هو عبيد الله المهدي بن الحسين بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. لما انتشرت دعوة أبي عبد الله الشيعي في المغرب، أرسل رجالاً من كتامة إلى الشام ليخبروا عبيد الله المهدي بما فتح الله عليه. إلا أن السلمية كانت مهددة من قبل الحسين بن مهرويه وجيشه الذي كان في صدام مع قوات الخليفة العباسي المعتضد، فهرب عبيد الله المهدي واختبأ بالرملة. وعند مرور جيش القرامطة من هناك، استدل الحسين بن مهرويه على مكانه والتقى به وأظهر له الطاعة عسى أن يستفيد منه. وأظهر عبيد الله له رضاءه عنه وموافقته على عمله خوفاً من أن يقتله أو يرشد عليه عامل الخليفة العباسي. وما إن سار الحسين بن مهرويه إلى دمشق حتى انطلق عبيد الله المهدي إلى مصر، ثم علم بما حل بأهله بالسلمية من قبل الجيش القرمطي وما نزل بآل عمر بن إسماعيل، فازداد قناعة بما يعمل من استنابه إلى الإسماعيليين وأكمل سيره إلى المغرب. والتقى عبيد الله المهدي هناك برجال كتامة واستطاع أن يوهمهم أنه الإمام فأسروا له ما عندهم واتجه معهم إلى مصر ومعه ابنه نزار أبو القاسم واتخذ عبيد الله صفة التاجر. وشاع الخبر أيام المكتفي بالله العباسي فأرسل إلى عامله بمصر يطلب إليه القبض على هذا التاجر. فقبض عليه لكنه أوهمه أنه غير ما يطلب وأظهر التدين أمامه فرق له وأطلقه، وأكمل طريقه إلى طرابلس الغرب وأرسل بعض من معه إلى القيروان فوجدوا أن الخبر قد سبقهم فألقي القبض عليهم فأنكروا. وسار عبيد الله المهدي إلى قسطلية ومنها إلى سجلماسة مقر دولة الخوارج الصفرية وكان ما يسير من مكان إلا ويطلبه العامل بعد أن يكون قد خرج منه. وأهدى عبيد الله المهدي إلى صاحب سجلماسة وهو المنتصر اليسع بن ميمون بن مدرار، فقرّبه المنتصر وأحبه حتى أتاه كتاب زيادة الله الثالث الأغلبي يعلمه أن ضيفه هو الذي يدعو له أبو عبد الله الشيعي في مناطقهم. عندئذ قبض عليه وحبسه. وكان ساعد أبي عبد الله الشيعي قد اشتد فقضى على دولة الأغالبة ودخل عاصمتهم «رقادة» وهرب منها رئيسها زيادة الله الثالث عام 296 هـ. ودخل أهل القيروان مدينة رقادة ونهبوها وبايعوا لأبي عبد الله الشيعي وساروا نحو سجلماسة بجيش كبير وولى على أفريقيا أخاه محمداً أبا العباس. وفي طريقه إلى سجلماسة قاعدة دولة الخوارج الصفرية، عرّج أبو عبد الله الشيعي وجيشه إلى «تاهرت» عاصمة دولة الخوارج الإباضية، وكانت قد وصلت إلى شفير الهاوية، فبعث إلى رئيسها واسمه يقظان بن أبي اليقظان وبنيه فجاؤوه فقتلهم جميعاً. وسار إلى تاهرت فقضى على جميع العائلة الرستمية واستباح المدينة ثم خرج منها وأكمل طريقه إلى سجلماسة ليحرر عبيد الله المهدي وابنه نزار أبا القاسم من السجن. أرسل أبو عبد الله الرسل إلى المنتصر اليسع بن مدرار يلاطفه ويبعد فكرة القتال خوفاً على عبيد الله. إلا أن اليسع بن مدرار قتل الرسل، فأعاد أبو عبد الله الشيعي الملاطفة بإرسال رسل جدد، فأعاد اليسع قتل الرسل. فما كان من أبي عبد الله إلا إن جدَّ السير لحصار سجلماسة فخرج إليه اليسع وجرى قتال ضار بين الطرفين لم يفرّق بينهما سوى حلول الظلام. وفي الصباح خرج أصحاب المدينة لاستقبال أبي عبد الله وأعلموه أن اليسع قد فرَّ بجماعته، فدخل المدينة وأخرج عبيد الله المهدي وابنه وأرسل في طلب اليسع فقبض عليه فسجن ثم قتل. ثم سار عبيد الله المهدي وجماعته جميعاً إلى رقادة عام 297 هـ بعد أن بويع بالخلافة فأصبح في العالم الإسلامي خليفتان: المقتدر بالله العباسي في بغداد وعبيد الله (الخليفة العبيدي) في رقادة. هنا توجد نقطة مهمة، وهي أن أبا عبد الله الشيعي عند ما دخل سجلماسة والتقى لأول مرة بعبيد الله المهدي على أنه الإمام، لم يرَ الرجل الذي سبق أن رآه خلال زيارته للسلمية وإنما رأى رجلاً آخر. فمنهم من يقول إنه رأى أحد أبناء البيت القداحي أو ربيبهم ابن الحداد اليهودي، ومنهم من يقول إن اليسع بن مدرار عندما علم أنه خاسر قتل عبيد الله المهدي وابنه قبل أن يهرب. وعندما دخل أبو عبد الله الشيعي لينقذ أسيره، وجد رجلاً يهودياً بالسجن فاضطر أن يدَّعي أنه المهدي ريثما تستقر الأوضاع، وقد خاف من قبيلة كتامة التي حملها على القتال من أجل المهدي. وعلى أي الأحوال، فإن الرجل الذي رآه أبو عبد الله الشيعي لم يكن هو من رآه من قبل، بل اضطر لاعطائه هذه الصفة ريثما يجد مخرجاً. وما إن أصبح عبيد الله المهدي خليفة في رقادة حتى وقع الخلاف بينه وبين أبي عبد الله الشيعي، وقام الخوارج الصفرية في سجلماسة بثورات ضد العبيديين بسبب أفعالهم الشنيعة وتصرفاتهم البعيدة عن الإسلام. واستغل عبيد الله المهدي هذا الظرف وقتل أبا عبد الله الشيعي وتفرغ لتثبيت حكمه الجديد. كان عبيد الله قد ترك قائده إبراهيم بن غالب المزائي عاملاً له على سجلماسة عندما غادرها إلى رقادة، ولم يلبث أن ثار الصفرية في العام نفسه وقتلوا إبراهيم بن غالب المزائي وجنوده. وولى الصفرية عليهم الفتح بن ميمون الملقب بـ”واسول”. سار عبيد الله المهدي عام 301 هـ يريد مصر ومعه أربعون ألف مقاتل ووقف عند النيل دون تقدمه شرقاً والوصول إلى الفسطاط فعاد إلى الاسكندرية وعاث فيها الفساد، فتبعه جيش الخليفة المقتدر بالله وانهزم العبيديون وانسحبوا إلى برقة. ثم استطاع القائم خليفة عبيد الله المهدي أن يسيطر على الصعيد عام 306 هـ. غير أن الخليفة المقتدر أرسل له مؤنس الخادم في جيش هزم العبيديين وأجبرهم على التراجع. وفي المغرب الأقصى كان موسى بن أبي العافية قد استولى على جميع دولة الأدارسة فخلع طاعة العبيديين ودعا للأمويين في الأندلس، فأرسل له عبيد الله المهدي جيشاً فهرب موسى من وجهه وترك مدينة فاس. إلا أن أمير الفاطميين على فاس قتل فرجع موسى بن أبي العافية إلى نفوذه ويدعو للخليفة الأندلسي، وذلك بعد وفاة المهدي عام 322هـ الذي خلفه ابنه نزار أبو القاسم القائم العبيدي الذي تم على عهده فتح مدينة جنوى عام 323 هـ وجزيرة سردينيا. كما استطاع القائم العبيدي إخماد ثورة الخوارج الإباضيين في طرابلس. ثم قامت ثورة كبيرة للإباضيين عام 325 هـ قادها أبو يزيد مخلد بن كيداد وانضمت إليه فرق الإباضية كما انضم إلى الثورة ضد العبيديين أهل السنة بعدما عانوا من تصرفات العبيديين غير الإسلامية. وقد استطاع أبو يزيد أن يهزم جيش العبيديين الذي أرسله القائم، ثم بدأ بدخول مدن الدولة العبيدية حتى دخل رقادة ثم القيروان عام 333 هـ واتجه نحو مركز الخلافة «المهدية» فخندق القائم حولها ليحميها. وكادت دولة العبيديين أن تزول لولا مساندة قبيلة كتامة وصنهاجة للعبيديين. فقد استطاعوا أن يصمدوا حتى استطاعوا أن يكسروا طوق الحصار عن المدينة وأن يهزموا جيش أبي يزيد. ثم مات أمير العبيديين القائم نزار بن عبيد الله المهدي عام 334 هـ وتولى الأمر من بعده ابنه المنصور إسماعيل بن طاهر. وكان ألعن من أبيه وأكثر زندقة منه. وقد قتل خلقاً من العلماء. ولما مات المنصور إسماعيل العبيدي عام 341 هـ ولي الأمر ابنه الذي تلقب بـ المعز لدين الله، المصدر : http://al-hakawati.la.utexas.edu/2011/12/28/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B7%D9%85%D9%8A%D8%A9/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق