الجمعة، 25 نوفمبر 2011

مقدمة مذكرة تخرج

مقــــدمــــــة

عرفت الأندلس منذ الفتح الإسلامي إلى السقوط، أطوارا تاريخية مختلفة تأرجحت بين الـقوة و الضعف؛ فبعد أن كانت ولاية استطاع عبد الرحمان الداخل أن يؤسس عصرا جديدا عُرف بالخلافة الأموية في الأندلس، حيث تمكن من توحيد الأندلس بالقوة و السياسة ؛ لكن سـرعان ما فقد خلفاؤه السيطرة على الصراعات التي قامت بين المسلمين من عرب المشرق، و المغرب والبربر، والمولدين والنصارى، ما أدى بوُلاة الأقاليم إلى استغلال الوضع وإعلان الاستقلال، وبذلك انقسمت الأندلس إلى دويلات صغيرة سميت ملوك الطوائف؛ وكان كل واحد منها يحاول السيطرة على الأخر، فاخذ القوي يبطش بالضعيف، ما جعل هذا الأخير يبحث عن حليف يستنصربه حتى ولو كان نصرانيا مقابل ثمن يقدمه له.
إن هذه الأوضاع كادت أن تعصف بالمسلمين في الأندلس، وتنهي وجودهم لولا تدخل الدولة المرابطية الناشئة في المغرب حيث لبت نداء الواجب دفاعا عن المسلمين من هجمات النصارى، فلم يكن أمام المرابطين إلا ضم الأندلس تحت حكمهم والقضاء على ملوك الطوائف.
في هذا الإطـار يندرج موضـوع بحثنا والموسـوم "الأندلس تحت حكـم المرابطـين"
وهناك أسبابٌ عديدة دفعتني إلى دراسة هذا الموضوع، وجعلتني أقبل عليه برغبةٍ وشغفٍ وتحدٍّ لكل الصعاب التي أتوقعها
ـأولا كنت ومازلت شديد اللهفة على التعرف على تاريخ الغرب الإسلامي، وخاصة الأندلس ؛ ثانيا الاطلاع على تلك الفترة العصيبة من تاريخها والذي يعتبر بمثابة الفتح الثاني؛ ثالثا معرفة أبطال ورجال الأمة الإسلامية الذين صنعوا أمجادها عبر العصور في الفترات الصعبة مثل يوسف بن تاشفين. و يزيد من أهمية هذا الموضوع هو أن التدخل المرابطي في بلاد الأندلس قد أطال عمرها لقرون قبل أن تسقط، كما يبين هذا الموضوع كيف تكونت الدولة المرابطية في المغرب وفي نفس الوقت تكون المنقذ للأندلس التي سبقتها في النشاة منذ قرون.
إن هذا الموضوع تمت دراسـته من قبل العديد من الباحثين سواء أجانب كانـوا أو إسلاميين، لكن كل الدراسات كانت ضمن الإطار العام، إما دراسات خاصة بالأندلس أو دراسات خاصة بالدولة المرابطية. كما أن هناك دراسات قديمة بعضها معاصر للأحداث؛ لكن الكثير منها تغلب عليه الذاتية، ونذكر هنا على سبيل المثال عبد الواحد المراكشي، الذي يميل إلى الموحدين أكثر على حساب غيرهم، ورينهارت دوزي الذي اظهر كرها شديدا ليوسف بن تاشفين، وأبـدى إعـجابه بالمعتمـد بن عباد
ومن اجل دراسة هذا الموضوع طرحت الإشكالية التالية:عرفت بلاد الأندلس عدة مراحل تاريخية من الفتح إلى سقوطها منها مرحلة حكم المرابطين. فمنهم المرابطون؟ كيف تمكنوا من تأسيس دولتهم؟ و ماهي الظروف التي أحاطت بضم الأندلس لحكمهم؟ وما هي نظم الإدارة والحكم التي طبقوها بها؟ وكيف كانت نهاية حكمهم ؟
حاولت معالجة هذه التساؤلات عن طريق خطة مكونة من مقدمة وتمهيد تضمن قيام الدولة المرابطية وثلاث فصول، في الفصل الأول تناولت ظروف و مراحل ضم بلاد الأندلس إلى المرابطين حيث فصلت فيه أوضاع الأندلسيين التي حتمت عليهم الاستنجاد بالمرابطين و عبور المرابطين إلى الأندلس بمختلف مراحله والدوافع التي جعلت يوسف بن تاشفين يقرر ضم الأندلس إلى حكمه ، ثم نأتي إلى الفصل الثاني الذي يدرس أنظمة الإدارة والحكم المرابطي في الأندلس والأنظمة القضائية والمالية والعسكرية ، ثم يأتي الفصل الثالث الذي عنونته بنهاية الحكم المرابطي في الأندلس وقد ضمنته أسباب ضعف المرابطين وثورات الموحدين و الأندلسيين ضد المرابطين
لا يستطيع الباحث في التاريخ أن يقدم صورة واقعية عن الموضـوع الذي يبحث فيه، إلا إذا توفرت له المصادر الأولية و المراجع التاريخية و التي تحتوي على المعلومات والحقائق الكافية عن هذا الموضوع ، ولقد وجت هذا البحث غنيا بها غير أنني اعتمدت بدرجة كبيرة على الأهم منها مثل: الاستقصا، لأبي العباس الناصري، و البيان المغرب في أخبار الأندلس و المغرب لابن عذارى المراكشي، والحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية لمجهول، وغيرهم من المصادر
أما المراجع فقد اعتمدت على دولة المرابطين في المغرب و الأندلس لسعدون عباس نصر الله، والتاريخ السياسي و الحضاري للمغرب و الأندلس في عصر المرابطين لحمدي عبد المنعم، و المسلمون في الأندلس لدوزي رينهورت، و تاريخ الأندلس في عهد الدولة المرابطية والموحدية ليوسف اشباخ، و الأندلس في نهاية المرابطين و مستهل الموحدين لدندش عصمت ، و عصر المرابطين والموحدين في المغرب والأندلس : العصر الثالث من كتاب دولة الإسلام في الأندلس لعبد الله عنان.
اتبعت في تناول موضوعي على المنهج التاريخي الوصفي في مجمل الفصول، فقد كانت الأحداث متتالية حسب التسسلسسل الزمني، ثم المنهج التحليلي في بعض مسائل الموضوع
وككل طالب جامعي واجهتني بعض الصعوبات يمكن أن أُجملها في عدم وجود أي مصدر أو مرجع يتناول هذا الموضوع بصورة مباشرة؛ فكل الذين تناولوا هذه الدراسة كانت ضمن سياق عام . إلى جانب صعوبة البحث في المصادر حيث تختلف في سرد الأحداث، إلى جانب الاختلاف في ذكرها، فهناك من يذكرها وهناك من ينفيهاأو يغيبها.
وفي ختام هذا التقديم لا يوجد ما هو أعز في النفس من الاعتراف بفضل الآخرين علي لمساعدتهم لي في انجاز هذا العمل المتواضع، سواء من قريب أو من بعيد، و على رأسهم أستاذي الفاضل، طارق وراد، الذي لم يدخر جهدا في تقديم التوجيهات الصائبة والعون المادي والمعنوي.
كما أرجو أن أكون قد وُفقت إلى حد ما في طرح الموضوع ومعالجته بشكل منهجي صحيح ولا اشك انه خال من النقائص فالكمال لله عز وجل، أتمنى استدراكها في المستقبل إنشاء الله من خلال توجيهات المناقشين.
وما توفيقي إلا بالله